الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
يجوز القضاء بشاهد ويمين في الجملة فما ثبت برجل وامرأتين ثبت بشاهد ويمين إلا عيوب النساء وما في معناها وما لا يثبت برجل وامرأتين لا يثبت بشاهد ويمين ولا يقضى بشهادة امرأتين ويمين في الأموال قطعاً ولا فيما يثبت بشهادة النسوة منفردات على الأصح ثم هل القضاء بالشاهد وحده واليمين مؤكدة أم بها وحدها وهو مؤكد أم بهما أوجه أصحها الثالث فلو رجع الشاهد فإن قلنا بالأول غرم أو بالثاني فلا أو بالثالث غرم النصف ثم يحلف المدعي بعد شهادة الشاهد وتعديله وجوز ابن أبي هريرة تقديم اليمين على شهادته كما يجوز تقديم المرأتين على الرجل والصحيح الأول ويجب أن يتعرض الحالف في اليمين لصدق الشاهد فيقول والله إن شاهدي لصادق وإني مستحق لكذا قال الإمام ولو أخر تصديق الشاهد وقدم ذكر الاستحقاق جاز ولم أجد أحداً يضايق فيه ولو فسق الشاهد بعد القضاء لم ينقض الحكم وإن فسق قبله صار كأن لا شاهد فيحلف المدعى عليه فإن نكل حلف المدعي ولم يعتد بما مضى ولو لم يحلف المدعي مع شاهده وطلب يمين الخصم فله ذلك فإن حلف سقطت الدعوى قال ابن الصباغ وليس له أن يحلف بعد ذلك مع شاهده بخلاف ما لو أقام بعد يمين المدعى عليه بينة فيسمع وإن نكل المدعى عليه فأراد المدعي يمين الرد مكن منها على الأظهر ويجري القولان فيما لو ادعى مالا ونكل المدعى عليه ولم يحلف المدعي يمين الرد ثم أقام شاهداً واحداً وأراد أن يحلف معه فإن قلنا ليس له أن يحلف يمين الرد فالمنقول أنه يحبس المدعى عليه حتى يحلف أو يقر لأن يمينه حق المدعي فلا يتمكن من إسقاطها لكن التقصير منه حيث لم يحلف مع شاهده فينبغي أن لا يحبس المدعى عليه وقد ذكر ابن الصباغ نحو هذا ولو أن المدعي بعد امتناعه من الحلف مع شاهده واستحلافه الخصم أراد أن يعود فيحلف مع شاهده نقل المحاملي أنه ليس له ذلك لأن اليمين صارت في جانب صاحبه إلا أن يعود في مجلس آخر ويستأنف الدعوى ويقيم الشاهد فحينئذ يحلف معه. جارية وولدها في يد رجل يسترقهما فقال آخر هذه مستولدتي والولد مني علقت به في ملكي فإن أقام بذلك شاهدين ثبت ما يدعيه وإن أقام رجلا وامرأتين أو رجلاً وحلف معه ثبت الاستيلاد لأن حكم المستولدة حكم المال فيسلم إليه وإذا مات حكم بعتقها بإقراره وهل يحكم له بالولد قولان أظهرهما لا لأنه لا يدعي ملكه بل نسبه وحريته وهما لا يثبتان بهذه الحجة فيبقى الولد في يد صاحب اليد وهل يثبت نسبه بإقرار المدعي فيه ما ذكرنا في الإقرار واللقيط في استلحاق عبد غيره والثاني نعم تبعاً لها فينتزع من المدعى عليه فيكون حراً نسبياً بإقرار المدعي ولو كان في يد رجل شخص ادعى أنه رقيقه فادعى آخر أنه كان له وأنه أعتقه وأقام شاهداً وحلف أو رجلا وامرأتين نص الشافعي أنه ينتزع منه ويحكم بأنه عتق على المدعي بإقراره فمن الأصحاب من قال في قبول هذه البينة والانتزاع قولان كالصورة السابقة لأنها شهادة بملك متقدم والمذهب القطع بالعتق بالقبول والانتزاع كما نص عليه والفرق أن المدعي هنا يدعي ملكاً وحجته تصلح لإثباته والعتق يترتب عليه بإقراره ولو قال المدعي في صورة الاستيلاد لصاحب اليد استولدتها أنا في ملكك ثم اشتريتها مع الولد فعتق الولد علي وأقام عليه حجة ناقصة فالعتق الآن مرتب على الملك الذي قامت به الحجة الناقصة فيكون على الطريقين كذا ذكره القفال هذا كلام الأصحاب في جميع طرقهم في الصورتين وانفرد الإمام والغزالي فحكيا عن الأصحاب والمزني والنص أشياء منكرة محولة عن وجهها وفي المختصر التصريح بخلافها وكذا كتب الأصحاب.
فإنما يحكم على المدعى عليه إذا ثبت لهم ثلاثة أشياء الموت والوراثة والمال والأول والثاني لا مدخل فيهما للشاهد واليمين بل لا يثبتان إلا بشاهدين أو إقرار المدعى عليه وأما المال فيدخله الشاهد واليمين فإن حضر جميع الورثة وهم كاملون وأقاموا شاهداً وحلفوا معه استحقوا والمأخوذ تركة يقضى منها ديون الميت ووصاياه وإن امتنع جميعهم وعلى الميت دين فهل للغريم أن يحلف ذكرنا في التفليس فيه قولين الجديد الأظهر المنع ويجريان فيما لو كان أوصى لرجل ولم يحلف الورثة هل يحلف الموصى له فإن كانت الوصية بعين وادعاها في يد أجنبي فينبغي أن لا يكون فيه خلاف ويقطع بالجواز فإن حلف بعض الورثة دون بعض أخذ الحالف نصيبه والنص أنه لا يشاركه فيه من لم يحلف ونص في كتاب الصلح أنهما لو ادعيا داراً إرثاً فصدق المدعى عليه أحدهما في نصيبه شاركه المكذب فخرج بعضهم من الصلح هنا قولا أن ما أخذه الحالف يشاركه فيه من لم يحلف لأن الإرث يثبت على الشيوع وقطع الجمهور بأن لا شركة هنا كما نص والفرق من وجهين حكاهما الإمام أحدهما أن صورة الصلح مصورة في عين وأعيان التركة مشتركة بين الورثة والمصدق معترف بأنه من التركة والصورة هنا في دين والدين إنما يتعين بالتعيين والقبض فالذي أخذه الحالف يتعين لنصيبه بالقبض فلم يشاركه الآخر فيه فعلى هذا لو كانت صورة الصلح في دين لم تثبت الشركة ولو فرض شاهد ويمين بعض الورثة في عين تثبت الشركة والفرق الثاني وهو الذي ذكره الجمهور أن الثبوت هنا بشاهد ويمين فلو أثبتنا الشركة لملكنا الناكل بيمين غيره وهناك ثبت بإقرار المدعى عليه ثم ترتب عليه إقرار المصدق بأنه إرث فعلى هذا لا فرق بين العين والدين ولا في صورة إقرار المدعى عليه وأشار في الوسيط إلى تخريج خلاف في مسألة الصلح بما نحن فيه ولا يعرف هذا لغيره وهل يقضى من نصيب الحالف جميع الدين أم بالحصة قال في الشامل يبنى على أن الغريم هل يحلف إن قلنا نعم لم يلزمه إلا قضاء حصته وإن قلنا لا بني على أن من يحلف من الورثة هل يشارك الحالف إن قلنا نعم قضى الجميع لأنا أعطيناه حكم التركة وإلا فبالحصة هذا حكم نصيب الحالف أما من لم يحلف فإن كان حاضراً كامل الحال ونكل عن اليمين ذكر الإمام أن حقه يبطل بالنكول ولو مات لم يكن لوارثه أن يحلف وفي كتاب ابن كج ما ينازع فيه قال الإمام ولو أراد وارثه أن يقيم شاهداً آخر ليحلف معه لم يكن له أيضاً لكن هل يضم هذا الشاهد إلى الشاهد الأول ليحكم بالبينة فيه احتمالان جاريان فيما لو أقام مدع شاهداً في خصومة ثم مات فأقام وارثه شاهداً آخر فيجوز أن يقال له البناء عليه ويجوز أن يقال عليه تجديد الدعوى وإقامة البينة وأنه لو أقام الورثة شاهداً وحلف معه بعضهم ومات بعضهم قبل أن يحلف أو ينكل كان لوارثه أن يحلف لكن هل يحتاج إلى إعادة الدعوى والشاهد فيه التردد المذكور والأصح أنه لا يحتاج وإن كان الذي لم يحلف صبياً أو مجنوناً أو غائباً نص الشافعي رحمه الله في المجنون أنه يوقف نصيبه واختلفوا في معناه فقال أبو إسحاق وعامة الأصحاب المراد أنا نمتنع من الحكم في نصيبه ويتوقف حتى يفيق فيحلف أو ينكل ولا يؤخذ نصيبه وقيل أراد أنه يؤخذ نصيبه ويوقف وهذا أحد قوليه أن الحيلولة هل تثبت بشاهد والصبي والغائب كالمجنون وينبغي أن يكون الحاضر الذي لم يشرع في الخصومة أو لم يشعر بالحال كالمجنون في بقاء حقه بخلاف ما سبق في الناكل فإن قلنا بالصحيح وهو أنه لا يؤخذ نصيب المعذورين فإذا زال عذرهم حلفوا وأخذوا نصيبهم ولا حاجة إلى إعادة الشهادة بخلاف ما لو كانت الدعوى لا عن جهة الإرث بأن قال أوصى لي ولأخي الغائب أو الصبي أبوك بكذا أو اشتريت مع أخي الغائب منك كذا وأقام شاهداً وحلف معه فإنه إذا قدم الغائب وبلغ الصبي يحتاجان إلى تجديد الدعوى وإعادة الشهادة أو شاهد آخر ولا يؤخذ نصيبهما قبل ذلك لأن الدعوى في الميراث عن شخص واحد وهو الميت وكذلك يقضى دينه من المأخوذ وفي غير الميراث الدعوى وألحق الأشخاص فليس لأحد أن يدعي ويقيم البينة عن غيره بغير إذن أو ولاية ثم ما ذكرنا في الميراث أنه لا حاجة إلى إعادة الشهادة مفروض فيما إذا لم يتغير حال الشاهد فإن تغير فوجهان أحدهما وبه قال القفال لا يقدح وللصبي والمجنون والغائب إذا زال عذرهم أن يحلفوا لأنه قد اتصل الحكم بشهادته فلا أثر للتغير والثاني وهو اختيار الشيخ أبي علي لا يحلفون لأن الحكم اتصل بشهادته في حق الحالف فقط ولهذا لو رجع الشاهد لم يكن لهم أن يحلفوا ولو مات الغائب أو الصبي فلوارثه أن يحلف ويأخذ حصته فإن كان وارثه هو الحالف لم تحسب يمينه الأولى ولو ادعى شخص على ورثة رجل أن مورثكم أوصى لي ولأخي أو ولأجنبي بكذا وأقام شاهداً وحلف معه وأخذ نصيبه لم يشاركه الآخر فيه بلا خلاف ثم ذكر الشيخ أبو الفرج أن من يحلف من الورثة على دين أو عين للمورث يحلف على الجميع لا على حصته فقط سواء حلف كلهم أو بعضهم وكذا الغريم والموصى له إذا قلنا يحلفان وفي كلام غيره إشعار بخلافه وجميع ما ذكرناه فيما إذا أقام بعض الورثة شاهداً واحداً وحلف معه فأما إذا أقام بعضهم شاهدين فإنه يثبت المدعى كله فإذا حضر الغائب من الورثة أو بلغ صبيهم أو عقل مجنونهم أخذ نصيبه ولا حاجة إلى تجديد الدعوى وإقامة البينة وينتزع القاضي بعد تمام البينة نصيب الصبي والمجنون ديناً كان أو عيناً ثم يأمر بالتصرف فيه بالغبطة كيلا يضيع عين ماله وأما نصيب الغائب فإن كان عيناً انتزعها وكلام الأصحاب يقتضي أن هذا الانتزاع واجب وهو الظاهر لكن سبق في باب الوديعة أن الغاصب لو حمل المغصوب إلى القاضي والمالك غائب ففي وجوب قبوله وجهان فيجوز أن يعود ذلك الخلاف هنا مع قيام البينة وإن كان المدعى ديناً ففي انتزاع نصيب الغائب وجهان جاريان فيمن أقر لغائب بدين وحمله إلى القاضي هل على القاضي أن يستوفيه والأصح في الصورتين عدم الوجوب وحكاه ابن كج في مسألتنا عن النص واعلم أنه سبق في كتاب الشركة أن أحد الوارثين لا ينفرد بقبض شيء من التركة ولو قبض شاركه الآخر فيه وقالوا هنا يأخذ الحاكم نصيبه كأنهم جعلوا غيبة الشريك عذراً في تمكين الحاضر من الانفراد ولو ادعى على رجل أن أباه أوصى له ولفلان بكذا وأقام شاهدين وفلان غائب أو صبي لم يؤخذ نصيب فلان بحال وإذا حضر وبلغ فعليه إعادة الدعوى والبينة لما ذكرنا أن الدعوى في الإرث لشخص واحد. فرع لو كان للوارث الغائب وكيل وقد أقام الحاضر البينة قال أبو عاصم يقبض الوكيل نصيب
إن قلنا الملك فيه للواقف أو الموقوف عليه فنعم وإن قلنا لله تعالى فوجهان أو قولان أحدهما لا وبه قال المزني وأبو إسحاق كالعتق والثاني نعم وبه قال ابن سريج وابن سلمة والعراقيون يميلون إلى ترجيح الأول وينسبونه إلى عامة الأصحاب لكن الثاني أقوى في المعنى وهو المنصوص وصححه الإمام والبغوي وغيرهما وجزم به الغزالي ولو ادعى ورثة ميت على رجل أنه غصب هذه الدار وقالوا كانت لأبينا وقفها علينا وعلى فلان تثبت دعوى الغصب بشاهد ويمين ويثبت بهما أيضاً الوقف إن أثبتناه بشاهد ويمين وإلا فيثبت بإقرارهم ولو مات عن بنين فادعى ثلاثة منهم أن أباهم وقف عليهم هذه الدار وأنكر سائر الورثة فأقدموا شاهداً ليحلفوا معه تفريعاً على ثبوت الوقف بشاهد ويمين فلدعواهم صورتان إحداهما أن يدعوا وقف ترتيب فيقولوا وقف علينا وبعدنا على أولادنا وعلى الفقراء فلهم بعد إقامة البينة ثلاثة أحوال أن يحلفوا جميعاً فيثبت الوقف ولا حق لسائر الورثة في الدار فإذا انقرض المدعون أخذ البطن الثاني الدار وقفاً وهل يأخذونه بيمين أم بلا يمين وجهان ويقال قولان الأصح عند الجمهور بلا يمين وهو ظاهر نصه في المختصر وإذا انتهى الاستحقاق إلى البطن الثالث والرابع عاد الخلاف فإن قلنا يأخذون بيمين مكان الحق بعد البنين الثلاثة للفقراء نظر إن كانوا محصورين كفقراء قرية ومحلة فكذلك الجواب وإن لم يكونوا محصورين فهل يبطل الوقف وتعود الدار إرثاً أم يصرف إليهم بلا يمين أم يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف بناء على تعذر مصرفه كالوقف المنقطع فيه ثلاثة أوجه. قلت الأصح يأخذون بلا يمين وتسقط هنا لتعذرها ولا يبطل الوقف بعد صحته ووجود المصرف بخلاف المنقطع والله أعلم. ولو مات أحد الحالفين صرف نصيبه إلى الآخرين فإن مات آخر صرف الجميع إلى الثالث لأن استحقاق البطن الثاني إنما هو بعد انقراض الأولين ثم أخذ الآخرين يكون بلا يمين على المذهب وقيل وجهان كالبطن الثاني. الحال الثاني أن ينكلوا جميعاً عن اليمين مع الشاهد فالدار تركة يقضى منها الدين والوصية ويقسم الباقي بين الورثة ويكون حصة المدعين وقفاً بإقرارهم وحصة سائر الورثة طلقاً لهم فإذا مات المدعون لم يصرف نصيبهم إلى أولادهم على سبيل الوقف إلا بيمين على الأصح وقيل يصرف إليهم وقفاً بلا يمين ولو أراد الأولاد أن يحلفوا ويأخذوا جميع الدار وقفاً فلهم ذلك على الأظهر لأنهم أصحاب حق فإذا أبطل آباؤهم حقهم بالنكول فلهم أن لا يبطلوا حقهم ويجري القولان سواء قلنا لو لم يحلفوا لا يكون شيء منها وقفاً أم قلنا حصة الأولين تبقى وقفاً وإن لم يحلفوا وهل يجري القولان في حياة الأولين إذا نكلوا وجهان أحدهما نعم لبطلان حقهم وتعذر الصرف إليهم بنكولهم كما لو ماتوا وأصحهما لا لأن استحقاق البطن الثاني شرطه انقراض الأول. الحال الثالث أن يحلف بعضهم دون بعض فإذا حلف واحد ونكل اثنان أخذ الحالف الثلث وقفاً وأما الباقي فهو تركة تقضي منها الديون والوصايا فما فضل ففيه وجهان قال في الشامل يقسم بين جميع الورثة فما خص البنين الثلاثة كان وقفاً على الناكلين لأن الحالف معترف لهما بذلك والأصح وبه قطع المحاملي والبغوي وغيرهما أنه يقسم بين المنكرين من الورثة واللذين نكلا دون الحالف لأنه مقر بانحصار حقه فيما أخذ ثم حصة الناكلين تكون وقفاً بإقرارهما فإذا مات الناكلان والحالف حي فنصيبهما للحالف على ما شرط الواقف بإقرارهما وفي اشتراط يمينه الوجهان فإذا مات الحالف فالاستحقاق للبطن الثاني وفي حلفهم الخلاف السابق وإن كان الحالف ميتاً عند موت الناكلين فأراد أولادهما أن يحلفوا فعلى القولين السابقين في أولاد الجميع إذا نكلوا الأظهر لهم الحلف وفي نصيب الحالف الميت قبلهما ثلاثة أوجه أحدها يصرف إلى الناكلين فعلى هذا في حلفهما الخلاف فإن قلنا يحلفان فنكلا سقط هذا الوجه والثاني يصرف إلى البطن الثاني وهو الأصح عند الجمهور وهو ظاهر إشارته في الأم لأنهما أبطلا حقهما بنكولهما وصارا كالمعدومين والثالث أنه وقف تعذر مصرفه فعلى هذا هل يبطل أم يبقى وإذا بقي فهل يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف أم كيف حاله فيه خلاف سبق في الوقف بتفريعه والمذهب أنه يبقى وقفاً ويصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف فعلى هذا إذا زال التعذر بموت الناكلين صرف إلى البطن الثاني ويجيء في حلف أقرب الناس إذا قلنا يصرف إليهم الخلاف. فرع إذا تصادقت الورثة على أن الدار وقف أبيهم ثبت الوقف ولا حاجة إلى شاهد ويمين. فرع ادعوا على رجل داراً في يده أنه وقفها عليهم أو على ورثة أن مورثهم وقفها عليهم وأقاموا شاهداً نظر أحلفوا مع شاهدهم أم نكلوا أم حلف بعضهم وتجيء الأحوال الثلاثة كما سبق لكن حيث جعلنا كل المدعى أو بعضه تركة هناك ترك هنا في يد المدعى عليه. الصورة الثانية أن يدعوا وقف تشريك فيقول البنون الثلاثة في المثال المذكور هو وقف علينا وعلى أولادنا وأولاد أولادنا ما تناسلنا فإذا انقرضنا فعلى الفقراء فأقاموا بذلك شاهداً وإن حلفوا معه أخذوا الدار وقفاً ثم إذا حدث لأحدهم ولد فمقتضى الوقف شركته فيوقف ربع الغلة إلى أن يبلغ فيصرف إليه إن حلف ولم يجعلوه على الخلاف في أن البطن الثاني هل يحتاجون إلى يمين إذا حلف البطن الأول بل جزموا باحتياجه إلى اليمين بعد البلوغ إلا السرخسي فحكى فيه وجهاً ثم إن الربع الموقوف هل يوقف في يد البنين الثلاثة أم ينتزع ويجعله في يد أمين وجهان أصحهما الثاني فإن نكل بعد بلوغه صرف الموقوف إلى الثلاثة وجعل كأنه لم يولد هذا هو المنصوص وبه قال الجمهور وحكي وجه أو تخريج أن نصيب المولود وقف تعذر مصرفه فيجيء الخلاف السابق لأن الثلاثة معترفون بأنه له فكيف يأخذونه بامتناعه باليمين ولو مات بعد البلوغ والنكول لم يستحقها فأما رقبة الوقف وغلتها بعد موت الولد فمقتضى الشرط أن يستغرقها الثلاثة الحالفون وليس عليهم تجديد يمين على المذهب وكأن المولود لم يكن ولو مات أحد الحالفين في صغر الولد وقف من يوم موته للولد ثلث الغلة لأن المستحقين صاروا ثلاثة فإن بلغ وحلف أخذ الربع والثلث الموقوفين وإن نكل صرف الربع إلى الابنين وورثة الميت وصرف الثلث إلى الباقين خاصة ويعود فيه التخريج السابق ولو بلغ الولد مجنوناً أدمنا الوقف طمعاً في إفاقته فإن ولد له قبل أن يفيق وقف له الخمس وللمولود الخمس من يوم ولادة الولد فإن أفاق المجنون وبلغ ولده وحلفا أخذ المجنون الربع من يوم ولادته إلى يوم ولادة ولده والخمس من يومئذ وأخذ ولده الخمس من يومئذ ولو مات المجنون في جنونه بعدما ولد ولد فالغلة الموقوفة لورثته إذا حلفوا ويوقف لولده من يوم ثبوته ربع الغلة هذا كله إذا حلف المدعون الثلاثة أولا فإن نكلوا عن اليمين مع الشاهد فلمن حدث بعدهم أن يحلف بلا خلاف لأنه شريك الأولين بتلقي الوقف من الواقف لا محالة وإن حلف بعضهم دون بعض أخذ الحالف نصيبه وبقي الباقي على ما كان وبالله التوفيق. الباب الخامس في الشهادة على الشهادة هي مقبولة في غير العقوبات كالأموال والأنكحة والبيع وسائر العقود والفسوخ والطلاق والعتاق والرضاع والولادة وعيوب النساء سواء حق الآدمي وحق الله تعالى كالزكاة ووقف المساجد والجهات العامة وأما العقوبات فالمذهب القبول في القصاص وحد القذف والمنع في حدود الله تعالى قال ابن القاص والإحصان كالحد ولو شهد اثنان على شهادة آخرين أن الحاكم حد فلاناً قبلت بلا خلاف ذكره ابن الصباغ لأنه حق آدمي فإنه إسقاط حد عنه ثم في الباب أربعة أطراف. الطرف الأول في تحملها وإنما يجوز التحمل إذا علم أن عند الأصل شهادة جازمة بحق ثابت ولمعرفته أسباب أحدها أن يسترعيه الأصل فيقول أنا شاهد بكذا وأشهدتك على شهادتي أو يقول أشهدك أو اشهد على شهادتي بكذا أو يقول إذا استشهدت على شهادتي فقد أذنت لك في أن تشهد أما إذا سمع إنساناً يقول لفلان على فلان كذا أو أشهد أن لفلان على فلان كذا لا على صورة أداء الشهادة فلا يجوز أن يشهد على شهادته لأن الناس قد يتساهلون في إطلاق ذلك على عدة ونحوها وكذا لو قال عندي شهادة بكذا فلو قال عندي شهادة مجزومة أو شهادة أثبتها أو لا أتمارى فيها وما أشبه ذلك فوجهان أصحهما وأوفقهما لإطلاق الأكثرين المنع أيضاً ويشترط تعرض الأصل للفظ الشهادة فلو قال أعلم أو أخبر أو أستيقن لم يكف كما لو أتى الشاهد عند إقامة الشهادة بهذه الألفاظ فإن القاضي لا يحكم بها قال الإمام وأبعد بعض الأصحاب فأقام اللفظ الذي لا تردد فيه مقام لفظ الشهادة ولا يشترط أن يقول في الاسترعاء أشهدك على شهادتي وعن شهادتي لكنه أتم فقوله أشهدك على شهادتي تحميل وقوله عن شهادتي إذن في الأداء كأنه قال أدها عني ولإذنه أثر ولهذا لو قال بعد التحمل لا تؤد عني امتنع عليه الأداء وقيل يشترط ذلك في الاسترعاء حكاه ابن الصباغ وإذا حصل الاسترعاء لم يختص التحمل بمن استرعاه. السبب الثاني أن يسمعه يشهد عند القاضي أن لفلان على فلان كذا فله أن يشهد على شهادته وإن لم يسترعه لأنه لا يتصدى لإقامة الشهادة عند القاضي إلا تحقق الوجوب وللقاضي أيضاً أن يشهد على شهادته عند قاض آخر والشهادة عند المحكم كالشهادة عند القاضي سواء جوزنا التحكيم أم لا وقال الاصطخري إنما تجوز إذا جوزناه والصحيح الأول لأنه لا يشهد عند المحكم إلا وهو جازم بثبوت المشهود به. السبب الثالث أن يبين سبب الوجوب فيقول أشهد أن لفلان على فلان كذا من ثمن مبيع أو قرض أو أرش جناية فتجوز الشهادة على شهادته وإن لم يشهد عند القاضي ولم يؤخذ منه استرعاء لأن الإسناد إلى السبب يقطع احتمال الوعد والتساهل هذا ما يوجد لعامة الأصحاب ونقل الشيخ أبو حاتم القزويني وجهاً أن الإسناد إلى السبب لا يكفي للتحمل ووجهاً أن الشهادة عند القاضي لا تكفي أيضاً بل يشترط الاسترعاء والصحيح ما سبق. فرع إذا قال علي لفلان ألف فوجهان قال أبو إسحاق لا يجوز أن يشهد عليه بهذا القدر بل يشترط مع ذلك قرينة تشعر بالوجوب بأن يسنده إلى سبب فيقول من ثمن مبيع أو يسترعيه فيقول فاشهد علي به والثاني وهو الصحيح أن مجرد الإقرار كاف للتحمل بخلاف الشهادة على الشهادة لأن الشهادة يعتبر فيها ما لا يعتبر في الإقرار ولهذا يقبل إقرار الفاسق والمغفل والمجهول دون شهادتهم. فرع الفرع عند أداء الشهادة يبين جهة التحمل فإن استرعاه الأصل قال أشهد أن فلاناً شهد أن لفلان على فلان كذا وأشهدني على شهادته وإن لم يسترعه بين أنه شهد عند القاضي أو أنه أسند المشهود به إلى سبب قال الإمام وذلك لأن الغالب على الناس الجهل بطريق التحمل فإن كان ممن يعلم ووثق به القاضي جاز أن يكتفى بقوله أشهد على شهادة فلان بكذا أو يستحب للقاضي أن يسأله بأي سبب ثبت هذا المال وهل أخبرك به الأصل هذا إذا لم يبين السبب. الطرف الثاني في صفات شاهد الأصل وما يطرأ عليه لا يصح تحمل الشهادة على شهادة فاسق أو كافر أو عبد أو صبي أو عدو لأنهم غير مقبولي الشهادة فلو تحمل والأصل بصفات الشهود ثم طرأ ما يمنع قبولها أو الوصول إليها نظر إن كان الطارئ موتاً أو غيبة أو مرضاً لم يؤثر وإن عرض فسق أو عداوة أو ردة لم تقبل شهادة الفرع ما دامت هذه الأحوال بالأصل فإن زالت هل يشهد الفرع بالتحمل الأول أم يشترط تحمل جديد وجهان أصحهما الثاني قاله ابن سريج وصححه الإمام ولو حدث الفسق أو الردة بعد الشهادة وقبل القضاء امتنع القضاء ولو طرأ على الأصل جنون فقيل تبطل شهادة الفرع كالفسق والصحيح الذي قاله الجمهور لا أثر له كالموت لأنه لا يوقع ريبة فيما مضى ويجري الوجهان فيما لو عمي وأولى بأن لا يؤثر لأنه لا يبطل أهلية الشهادة بالكلية ولو أغمي عليه قال الإمام إن كان غائباً لم يؤثر وإن كان حاضراً لم يشهد الفرع بل ينتظر زواله لأنه قريب الزوال ومقتضى هذا أن يكون الجواز كذلك في كل مرض يتوقع زواله كتوقع زوال الإغماء. قلت ليس كما قال الرافعي رحمه الله بل الصواب أن المرض لا يلحق بالإغماء وإن توقع زواله قريباً لأن المريض أهل للشهادة بخلاف المغمى عليه والله أعلم. ولا أثر لحدوث شيء من هذه المعاني بعد القضاء وكذا لو شهد الفرع في غيبة الأصل ثم حضر بعد القضاء لم يؤثر وإن حضر قبله امتنع القضاء لحصول القدرة على الأصل وكذا لو كذب الأصل الفرع قبل القضاء امتنع القضاء والتكذيب بعده لا يؤثر ولو قضى القاضي بالفرع ثم قامت بينة بأن الأصل كذب الفرع قبل القضاء فالقضاء منقوض ذكره الإمام. هذا الذي سبق حكم صفة الأصل أما الفرع فلو تحمل الشهادة وهو عبد أو صبي أو فاسق أو أخرس صح تحمله كتحمل الأصل في هذه الأحوال ثم الأداء يكون بعد زوالها. فرع لا تقبل الشهادة على الشهادة إلا من الرجال ولا مدخل للنساء فيها وإن كانت الأصول أو بعضهم نساء وكانت الشهادة في ولادة أو رضاع أو مال لأن شهادة الفرع تثبت الأصل لا ما شهد به الأصل ونفس الشهادة ليست بمال ويطلع عليها الرجال وحكى ابن كج وجهاً في الولادة وهو شاذ. الطرف الثالث في عدد شهود الفرع فإن شهد اثنان على شهادة أصل وآخران على شهادة الثاني فقد تم النصاب ولو شهد فرع على أصل وفرع آخر على شهادة الأصل الثاني لم يصح قطعا ولو شهد فرعان على شهادة الأصلين معاً ففي قبوله قولان أظهرهما الجواز وهو الذي رجحه العراقيون والإمام والغزالي والروياني وصاحب العدة وخالفهم البغوي والسرخسي فإن قلنا بالمنع فأقام شاهدين على شهادة الأصلين معاً فله أن يحبسهما على أيهما ويحلف معه ولو شهد أربعة على شهادة الأصلين جاز على الصحيح وجميع ما ذكرنا فيما إذا شهد الفروع على شهادة رجلين فإن شهدوا على شهادة رجل وامرأتين فعلى قول المنع في الاثنين يشترط ستة يشهد كل اثنين منهم على شهادة واحد وعلى الأظهر يكفي اثنان للجميع وعلى ما نقله ابن كج في قبول النساء على النساء في الولادة هل يكفي شهادة أربع على شهادة أربع أم يشترط ست عشرة ليشهد كل أربع على واحدة وجهان ولو شهد على شهادة الفروع فروع وشرطنا أن يشهد فرعان على كل أصل وجب أن يشهد على شهادة كل فرع من الفروع الأربعة اثنان فيجتمع ثمانية ثم شهادتهم لا تثبت إلا بستة عشر وعلى هذا القياس وإذا أجرينا الشهادة على الشهادة في حدود الله تعالى فهل تثبت الشهادة على شهود الزنى بأربعة أم يكفي اثنان قولان كالقولين في الإقرار بالزنى فإن اكتفينا باثنين وجوزنا شهادة فرعين على شهادة الأصلين معاً كفى اثنان وإن شرطنا لكل أصل اثنين اشترط ثمانية وإن شرطنا في الشهادة على الشهادة في الزنى أربعة فإن جوزنا شهادة فرعين على الأصلين معا كفى أربعة على الأصول الأربعة وإن شرطنا أن يشهد على شهادة كل أصل فرعان اشترطنا هنا ستة عشر كل أربعة على أصل. الطرف الرابع متى تسمع شهادة الفروع في أن شهادة الفروع متى تسمع وإنما تسمع إذا تعذر الوصول إلى شهادة الأصل أو تعسر وقيل تقبل شهادة الفرع مع حضور الأصل كالرواية والصحيح الأول لأن باب الرواية واسع ولهذا تقبل من المرأة والعبد والشهادة على الشهادة وجوزت للضرورة ولا ضرورة هنا فمن وجوه التعذر الموت والعمى ومن التعسر المرض ولا يشترط أن لا يمكنه الحضور وإنما المعتبر أن يناله بالحضور مشقة ظاهرة ويلحق خوف الغريم وسائر ما تترك به الجمعة بالمرض هكذا أطلق الإمام والغزالي وليكن ذلك في الأعذار الخاصة دون ما يعم الأصل والفرع كالمطر والوحل الشديد ولا يكلف القاضي أن يحضر عند شاهد الأصل أو يبعث نائبه إليه لما فيه من الابتذال. ومنها الغيبة إلى مسافة القصر فإن كانت دون مسافة القصر فمنهم من أطلق وجهين منهم ابن القطان والأصح أنه إن كانت المسافة بحيث لو خرج الأصل بكرة لأداء الشهادة أمكنه الرجوع إلى أهله ليلا لم تسمع شهادة الفرع وتسمى هذه مسافة العدوى وإن كانت بحيث لا يمكنه الرجوع فهو موضع الوجهين وأصحهما تسمع.
لأنه لا بد من معرفة عدالتهم ولا تعرف عدالتهم ما لم يعرفوا ولو وصفوهم بالعدالة ولم يسموهم بأن قالوا نشهد على شهادة عدلين أو عدول لم يكف لأن القاضي قد يعرف جرحهم لو سموهم ولأنه ينسد باب الجرح على الخصم ولا يشترط في شهادة الفرع تزكية شهود الأصل بل لهم إطلاق الشهادة ثم القاضي يبحث عن عدالتهم وحكى البغوي وجها في اشتراطها والصحيح الأول وحكي وجه أنه يشترط أن يقول الفروع أشهدنا على شهادته وكان عدلا إلى اليوم أو إلى أن مات تفريعاً على ما سبق أنه لو فسق الأصل ثم تاب لم يكن للفرع أن يشهد على شهادته إلا بإشهاد جديد والصحيح عدم الاشتراط فإن قلنا بالصحيح إنه لا يشترط في شهادة الفرع تزكية الأصل فلو زكوهم وهم بصفات المزكين فالمذهب وبه قطع الجمهور أنه تقبل تزكيتهم وتثبت عدالتهم والمعروف فيما لو شهد اثنان في واقعة وزكى أحدهما الآخر أنه لا تثبت عدالة الثاني فمنهم من جعلها على وجهين بالتخريج والمذهب الفرق أن تزكية الفروع الأصول من تتمة شهادتهم ولذلك شرط بعضهم التعرض لها فقبلت وهناك قام الشاهد المزكى بأحد شطري الشهادة فلا يصح قيامه بالثاني ولا يشترط أن يتعرض الفروع في شهادتهم لصدق الأصول لأنهم لا يعرفونه بخلاف ما إذا حلف المدعي مع شاهده حيث يتعرض لصدقه لأنه يعرفه وبالله التوفيق. رجوع الشهود عن الشهادة إما أن يقع قبل القضاء بشهادتهم وإما بعده الحالة الأولى قبله فيمتنع من القضاء ثم إن اعترفوا بتعمد الكذب فهم فسقة يستترون وإن قالوا غلطنا لم يفسقوا لكن لا تقبل تلك الشهادة إن أعادوها وإن كانوا شهدوا بالزنى فرجعوا واعترفوا بالتعمد فسقوا وحدوا حد القذف وإن قالوا غلطنا ففي حد القذف وجهان أحدهما المنع لأنهم معذورون وأصحهما يجب لما فيه من التغيير وكان حقهم أن يثبتوا فعلى هذا ترد شهادتهم وإن قلنا لا حد فلا ترد وإن قال الشهود للقاضي بعد الشهادة توقف في القضاء وجب التوقف فإن قالوا بعد ذلك اقض فنحن على شهادتنا ففي جواز القضاء بشهادتهم وجهان أصحهما الجواز فعلى هذا هل تجب إعادة الشهادة وجهان أصحهما لا لأنهم جزموا بها والشك الطارئ زال. الحالة الثانية إذا رجعوا بعد القضاء فرجوعهم إما قبل الاستيفاء وإما بعده فإن كان قبله نظر إن كانت الشهادة في مال استوفي على الصحيح المنصوص وإن كانت في قصاص أو حد القذف لم يستوف على المذهب لأنها عقوبة تسقط بالشبهة والرجوع شبهة بخلاف المال فإنه لا يتأثر بالشبهة ووجه الجواز أن حقوق الآدميين مبنية على الضيق وإن كانت في حدود الله تعالى لم تستوف وقيل كالقصاص وإن كانت في شيء من العقود أمضي على الأصح وقيل النكاح كحد القذف وحيث قلنا بالاستيفاء بعد الرجوع فاستوفى فالحكم كما لو رجعوا بعد الاستيفاء أما إذا رجعوا بعد الاستيفاء فلا ينقض الحكم ثم قد تكون الشهادة فيما يتعذر تداركه ورده وقد تكون فيما لا يتعذر فهما ضربان الأول المتعذر وهو نوعان أحدهما العقوبات فإذا شهدوا بالقتل فاقتص من المشهود عليه ثم رجعوا وقالوا تعمدنا قتله فعليهم القصاص أو الدية المغلظة موزعة على عدد رؤوسهم كما سبق في الجنايات وكذا الحكم لو شهدوا بالردة فقتل أو بزنى المحصن فرجم أو على بكر فجلد ومات منه أو بسرقة أو قطع فقطع أو بقذف أو شرب فجلد ومات منه ثم رجعوا ويحدون في شهادة الزنى وحد القذف أولا ثم يقتلون وهل يرجمون أو يقتلون بالسيف فيه احتمالان ذكرهما أبو الحسن العبادي والصحيح الأول ثم هنا صور إحداها لو رجع القاضي دون الشهود وقال تعمدت لزمه القصاص أو الدية المغلظة وبكمالها ولو رجع القاضي والشهود جميعاً لزمهم القصاص وإن قالوا أخطأنا أو عفا على مال فالدية منصفة عليهما نصفها وعليه نصفها هكذا نقله البغوي وغيره وقياسه أن لا تجب كمال الدية عند رجوعه وحده كما لو رجع بعض الشهود ولو رجع ولي الدم وحده لزمه القصاص أو كمال الدية ولو رجع مع الشهود فوجهان أصحهما عند الإمام أن القصاص أو كمال الدية على الولي لأنه المباشر وهم معه كالممسك مع القاتل وأصحهما عند البغوي أنهم معه كالشريك لتعاونهم على القتل لا كالممسك لأنه جعلهم كالمحقين فعلى هذا على الجميع القصاص أو الدية نصفها على الولي ونصفها على الشهود ولو رجع القاضي معهم فالدية مثلثة ثلثها على القاضي وثلث على الولي وثلث على الشهود وينبغي على هذا الوجه أن لا يجب كمال الدية على الولي إذا رجع وحده. قلت لم يرجح الرافعي واحداً من الوجهين بل حكى اختلاف الإمام والبغوي في الصحيح والأصح ما صححه الإمام وقد سبق في أول كتاب الجنايات من هذا الكتاب القطع به فهو الأصح نقلا ودليلا والله أعلم. الثانية يتعلق بالمزكي الراجع قصاص وضمان فيه أوجه أحدها لا لأنه لم يتعرض للمشهود عليه وإنما أثنى على الشاهد والحكم يقع بالشاهد فكان كالممسك مع القاتل وأصحهما نعم لأنه بالتزكية ألجأ القاضي إلى الحكم المفضي إلى القتل والثالث يتعلق به الضمان دون القصاص قال القفال الخلاف فيما إذا قال المزكيان علمنا كذب الشاهدين فإن قالا علمنا فسقهما فلا شيء عليهما لأنهما قد يكونان صادقين مع الفسق وطرد الإمام الخلاف في الحالين. الثالثة ما ذكرنا من وجوب القصاص على الشهود الراجعين هو فيما إذا قالوا تعمدنا فلو قالوا أخطأنا وكان الجاني أو الزاني غيره فلا قصاص وتجب الدية مخففة وتكون في مالهم لأن إقرارهم لا يلزم العاقلة فإن صدقهم العاقلة فهي على العاقلة قال الإمام وقد يرى القاضي والحالة هذه تعزيز الشهود لتركهم التحفيظ ولو قال أحد شاهدي القتل تعمدت ولا أدري أتعمد صاحبي أم لا واقتصر على قوله تعمدت وقال صاحبه أخطأت فلا قصاص على واحد منهما لأن شريك المخطئ لا قصاص عليه وقسط المخطئ من الدية يكون مخففاً وقسط المتعمد يكون مغلظاً ولو قال كل واحد تعمدت وأخطأ صاحبي فوجهان أحدهما يجب القصاص لاعترافهما بالعمدية وأصحهما المنع ولا خلاف أن الدية تجب عليهما مغلظة ولو قال أحدهما تعمدت وأخطأ صاحبي أو قال ولا أدري أتعمد صاحبي أم أخطأ وصاحبه غائب أو ميت فلا قصاص ولو قال تعمدت وتعمد صاحبي وصاحبه غائب أو ميت لزمه القصاص ولو قال تعمدت ولا أعلم حال صاحبي وقال صاحبه مثله أو اقتصر على قوله تعمدت لزمهما القصاص ذكره البغوي وغيره ولو قال أحدهما تعمدت أنا وصاحبي وقال الآخر أخطأت أو أخطأنا معاً فلا قصاص على الثاني ويلزم الأول على الأصح ولو قال أحدهما تعمدت وتعمد صاحبي وقال صاحبه تعمدت وأخطأ هو وجب القصاص على الأول ولا يجب على الثاني على الصحيح لأنه لم يعترف إلا بشركة مخطئ ولو رجع أحد الشاهدين وأصر الآخر وقال الراجع تعمدت لزمه القصاص وإن اقتصر على قوله تعمدت فلا. الرابعة ما ذكرنا من وجوب القصاص على الشهود الراجعين فيما إذا قالوا تعمدنا وعلمنا أنه يقتل بشهادتنا فإن قالوا تعمدنا ولم نعلم أنه يقتل فإن كانوا ممن لا يخفى عليه ذلك وجب القصاص ولا اعتبار بقولهم كمن رمى سهماً إلى رجل واعترف بأنه قصده ولكن قال لم أعلم أنه يبلغه وإن كانوا ممن يجوز خفاؤه عليهم لقرب عهدهم بالإسلام فالذي قال الأصحاب إنه شبه عمد لا يوجب قصاصاً ومال الإمام إلى وجوبه وحكى الروياني وجهاً شاذاً مأخوذاً مما لو ضرب المريض ضرباً يقتل المريض دون الصحيح ولم يعلم مرضه وأما الدية فتجب في مال الشهود مؤجلة في ثلاث سنين إلا أن تصدقهم العاقلة فيجب عليها وقال القفال حالة لتعمدهم والصحيح الأول وبه قطع الجمهور. فرع قال ابن القطان لو رجع الشهود وقال أخطأنا وادعو أن العاقلة تعرف أنهم أخطئوا وأن عليهم الدية فأنكرت العاقلة العلم فليس للشهود تحليفهم وإنما يطالب العاقلة إذا قامت البينة قال ابن كج ويحتمل أن لهم تحليفهم لأنهم لو أقروا لغرموا. النوع الثاني غير العقوبات فمنه الأبضاع فإذا شهدوا بطلاق بائن أو رضاع محرم أو لعان أو فسخ بعيب أو غيرها من جهات الفراق وقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا لم يرتفع الفراق لكن يغرمان سواء كان قبل الدخول أو بعده فإن كان بعد الدخول غرماً مهر المثل على المشهور وفي قول المسمى وإن كان قبله فهل يغرمان مهر المثل أم نصفه فيه نصان ونص فيما لو أفسدت امرأة نكاحه برضاع أنها تغرم نصف مهر المثل وللأصحاب طرق المذهب وجوب النصف في الرضاع وجميع مهر المثل في الرجوع عن الشهادة وفي قول نصفه وفي قول نصف المسمى وفي قول جميعه وقيل يجب جميع مهر المثل قطعاً وقيل نصفه قطعاً وقيل إن كان الزوج سلم إليها الصداق غرم الشهود جميع مهر المثل لأنه لا يتمكن من استرداد شيء وإلا فنصفه ولو تزوجها مفوضة وشهدا بالطلاق قبل الدخول والفرض وقضى القاضي بالطلاق والمتعة ثم رجعا فالخلاف في أنهما يغرمان مهر المثل أو نصفه كما في غير التفويض وفي قول قديم يغرمان المتعة التي غرمها الزوج ولو شهدا بطلاق رجعي ثم رجعا فلا غرم إذا لم يفوتا شيئاً فإن لم يراجع حتى انقضت العدة التحق بالبائن ووجب الغرم على الصحيح وقيل لا لتقصيره بترك الرجعة وأطلق ابن كج في وجوب الغرم بالرجوع عن شهادة الطلاق الرجعي وجهين فإن أوجبنا الغرم في الحال فغرموا ثم راجعها الزوج فهل عليه رد ما أخذ فيه احتمالان ذكرهما أو الحسن العبادي. قلت الصواب الجزم بالرد والله أعلم. ولو شهد بطلاق وقضى به ثم رجعا وقامت بينة أنه كان بينه وبين الزوجة رضاع محرم أو شهدا بأنه طلقها اليوم ورجعا ثم قامت بينة أنه كان طلقها ثلاثاً أمس فلا شيء عليهما إذ لم يفوتا فإن غرما قبل البينة استرداد ولو شهدا أنها زوجة فلان بألف وحكم بشهادتهما القاضي ثم رجعا قال البغوي لا غرم وقال ابن الصباغ إن كان بعد الدخول غرما ما نقص عن مهر المثل إن كان الألف دونه قال وعلى هذا لو كان قبل الدخول ثم دخل بها ينبغي أن يغرما ما نقص وهذا هو الذي أطلقه ابن كج ولو شهدا أنه طلقها بألف ومهرها ألفان فقال ابن الحداد والبغوي عليهما ألف وقد وصل إليه من المرأة ألف وقال ابن كج عليهما مهر المثل بعد الدخول ونصفه قبله كما لو يذكرا عوضاً وأما الألف فهو محفوظ عند للمرأة لأنها لا تدعيه وإن لم يكن قبضه فهو في يدها. فرع ومن هذا النوع العتق فإذا شهدا بعتق عبد وقضى به القاضي ثم رجعا غرما قيمة العبد ولم يرد العتق سواء كان المشهود بعتقه قنا أو مدبراً أو مكاتباً أو أم ولد أو معلقاً عتقه بصفة ولو شهدا بتدبير عبد أو استيلاد جارية ثم رجعا بعد القضاء لم يغرما في الحال لأن الملك لم يزل فإذا مات غرما بالرجوع السابق وهكذا لو شهدا بتعليق عتق أو طلاق بصفة ثم رجعا وفيهما وجه لأنهما لم يشهدا بما يزيل الملك ولو شهدا بكتابته ثم رجعا وأدى النجوم وعتق ظاهراً ففيم يغرمان وجهان أحدهما كل القيمة والثاني ما بين قيمته والنجوم ولو شهدا أنه اعتقه على مال هو دون القيمة فالمنقول أنه كما لو شهدا أنه طلقها بألف ومهرها ألفان. فرع ومنه أنه إذا شهدا أنه وقف على مسجد أو جهة عامة ثم رجعا بعد القضاء غرما قيمته ولا يرد الوقف وكذا لو شهدا أنه جعل هذه الشاة أضحية. الضرب الثاني ما لا يتعذر تداركه وهو الأموال أعيانها وديونها فإذا شهدوا لرجل بمال ثم رجعوا بعد دفع المال إليه لم ينقض الحكم ولم يرد المال إلى المدعي عليه هذا هو الصحيح وبه الجمهور وحكى في العدة وجها أنه ينقض ويرد المال وهو شاذ وهل يغرمون قولان أظهرهما عند العراقيين والإمام وغيرهم نعم وقيل لا يغرمون قطعاً وقيل يغرمون الدين دون العين والمذهب الغرم مطلقاً.
أنه أعتق حصته وهو موسر فقضى القاضي بعتقه والسراية ثم رجعوا لزمهم قيمة نصف المشهود عليه وفي قيمة نصيب الشريك الخلاف في غرم المال شهدوا قتل الخطأ إذا رجعوا بعد غرم العاقلة هل يغرمون فيه الخلاف ولو حكم القاضي بشهادة شهود الفرع ثم رجعوا غرموا ولو رجع شهود الأصل وقالوا كذبنا غرموا أيضاً ولو رجع الأصول والفروع فالغرم على شهود الفرع لأنهم ينكرون أشهاد الأصول ويقولون كذبنا فيما قلنا والحكم وقع بشهادتهم وحيث وجب على الراجح عقوبة من قصاص أو حد قذف دخل التعزيز فيها وإذا لم تجب عقوبة واعترف بالتعمد عزر.
إما أن يوجد والمحكوم بشهادتهم على الحد المعتبر في الباب وإما أكثر عدداً فإن كانوا على الحد بأن حكم في العتق أو القتل بشهادة رجلين ثم رجعا لزمهما الغرم بالسوية وإن رجع أحدهما لزمه النصف وكذا لو رجم في الزنى بشهادة أربعة فرجعوا جميعاً فعليهم الدية أرباعاً وإن رجع بعضهم فعليه حصته منها وإن زادوا على الحد المعتبر بأن شهد القتل أو الحد ثلاثة أو بالزنى خمسة فإن رجع الجميع فالغرم عليهم بالسوية وإن رجع البعض نظر فإن ثبت على الشهادة الحد المعتبر بأن رجع من الثلاثة في القتل واحد أو من الخمسة في الزنى واحد فلا غرم على الراجع على الأصح وبه قال ابن سريج والاصطخري وابن الحداد والثاني يغرم بحصته من العدد قال المزني وأبو إسحاق ولا يجب القصاص والحالة هذه بلا خلاف كذا قال البغوي وفي الفروق للشيخ أبي محمد عن القفال أنه يلزمه القصاص إن اعترف بالتعمد أما إذا لم يثبت من العدد المعتبر إلا بعضهم بأن رجع من الثلاثة أو الخمسة اثنان فعلى الوجهين السابقين فإن قلنا لا غرم هناك وزع الغرم الثلاثة أو الخمسة اثنان فعلى الوجهين السابقين فإن قلنا لا غرم هناك وزع الغرم هنا على العدد المعتبر وحصة من نقص من العدد المعتبر توزع على من رجع بالسوية ففي صور الثلاثة يكون نصف الغرم على الراجعين وإن قلنا يغرم هناك وزع هنا على جميع الشهود فعلى الاثنين الراجعين من الثلاثة ثلثا الغرم هذا كله إذا كان جميع الشهود ذكوراً أو إناثاً بأن كان رضاعاً أو نحوه فإن كانوا ذكوراً وإناثاً نظر إن لم يزيدوا على العدد المعتبر كرجل وامرأتين في رضاع أو مال فإذا رجعوا فعلى الرجل نصف الغرم وعلى كل امرأة ربعه وإن زادوا على العدد فالمشهود به قسمان أحدهما ما يثبت بالنسوة منفردات كالرضاع فإذا شهد به أربع نسوة ورجل ورجعوا فعليه ثلث الغرم وعليهن ثلثاه وإن رجع وحده فلا شيء عليه على الأصح لبقاء الحجة وكذا لو رجع امرأتاه وعلى الثاني عليه أو عليهما ثلث الغرم ولو شهد رجل وعشر نسوة ثم رجعوا فعليه سدس الغرم وعلى كل واحدة نصف سدسه وإن رجع وحده أو مع ست فما دونهن فلا غرم على الأصح لبقاء الحجة وعلى الثاني يجب على من رجع حصته وإن رجع مع سبع فعلى الأصح عليهم ربع الغرم لبطلان ربع البينة وإن رجع مع ثمان فنصفه ومع تسع ثلاثة أرباعه ويكون على الذكر ضعف ما على المرأة وعلى الثاني عليهم قدر حصتهم لو رجعوا جميعاً ولو رجع النسوة وحدهن فعليهن نصف الغرم على الأصح وخمسة أسداسه في الثاني. القسم الثاني ما لا يثبت بالنسوة منفردات كالمال إذا أوجبنا الغرم فيه بالرجوع فشهد رجل وأربع نسوة ورجعوا فهل على الرجل نصف الغرم أم ثلثه وجهان أصحهما الأول فإن قلنا به فرجع النسوة فعليهن نصف الغرم ولو رجعت امرأتان فلا شيء عليهما على الأصح لبقاء الحجة وعلى قول المزني وأبي إسحاق عليهما ربع الغرم ولو شهد رجل وعشر نسوة ورجعوا فعليه نصف الغرم وعليهن نصفه على الأصح وعلى الثاني عليه سدسه وعليهن الباقي ولو رجع وحده فعليه النصف على الأصح وعلى الآخر إنما عليه السدس ولو رجعن دونه فعليهن النصف في الأصح وفي الآخر خمسة أسداس وإذا علقنا نصف الغرم برجوع الرجل فرجع معه ثمان نسوة فعليه النصف ولا شيء عليهن بناء على أنه لا يثبت بشهادتين إلا نصف الغرم وقد بقي من النساء من يتم به ذلك وعلى قول المزني وأبي إسحاق عليهن أربعة أخماس النصف ولو رجع مع تسع نسوة لزمه النصف وعليهن الربع لبقاء الحجة وعلى قول المزني عليه نصف وعليهن تسعة أعشار النصف الآخر وإن رجع ثمان نسوة لا غير فلا شيء عليهن وعلى قوله عليهن أربعة أخماس النصف. فرع هل يتعلق الغرم بشهود الإحصان مع شهود الزنى وبشهود الصفة مع شهود تعليق الطلاق والعتق وجهان وقيل قولان أصحهما لا وقيل إن شهدوا بالإحصان بعد شهادة الزنى غرموا وإلا فلا فإن غرمناهم فقالوا تعمدنا لزمهم القصاص كشهود الزنى وفي كيفية توزيع الغرم عليهم وعلى شهود الزنى وجهان أصحهما اعتبار النصابين فعلى شهود الإحصان ثلث الغرم والآخرين ثلثاه والثاني يوزع نصفين اعتباراً بالجنسين كالقاضي مع الشهود وإذا غرمنا شهود الصفة غرموا النصف قطعاً فإذا شهد أربعة بالزنى واثنان بالإحصان ورجعوا كلهم بعد الرجم فإن قلنا بالأصح إن شهود الإحصان لا يغرمون فالضمان على شهود الزنى وإلا فعلى الجميع أثلاثاً على الأصح ومناصفة على الآخر وإن رجع واحد من شهود الزنى وواحد من شاهدي الإحصان فإن لم نغرم شهود الإحصان فعلى الرابع من شهود الزنى ربع الغرم وإن غرمناهم فإن نصفنا فعليه ثمن الغرم على الآخر ربع وإن ثلثنا فعلى كل واحد منهما سدسه وإن رجع واحد من أحد الصنفين لا غير ففيما عليه هذا الخلاف ولو شهدا أربعة بالزنى والإحصان جميعاً ثم رجع أحدهم فإن لم نغرم شهود الإحصان فعليه ربع الغرم وإن غرمناهم فقد بقي هنا من تقوم به حجة الإحصان فإن غرمنا الرابع مع ثبات من تقوم به الحجة لزمه الربع أيضاً كما لو رجعوا كلهم وإن لم نغرمه فلا ضمان عليه بسبب الإحصان وأما بسبب الزنى فإن نصفنا فعليه ثمن الغرم وإن ثلثنا فسدسه وإن رجع ثلاثة وبقي واحدة فقد بطل ثلاثة أرباع حجة الزنى ونصف حجة الإحصان فإن لم نغرم شهود الإحصان لزمهم ثلاثة أرباع الغرم وإن غرمناهم فعلى كل واحد إن نصفنا للرجوع عن الزنى ثمن الغرم وعن الإحصان نصف سدسه بتوزيع نصف غرم الإحصان عليهم وإن ثلثنا فعلى كل واحد للرجوع عن شهادة الزنى سدس الغرم توزيعا للثلثين على الأربعة وعن الإحصان ثلث سدسه توزيعاً لنصف غرم الإحصان على الراجعين ولو شهد أربعة بالزنى واثنان منهم بالإحصان ثم رجعوا بعد الرجم فإن لم نغرم شهود الإحصان في المسائل السابقة فكذا هنا وإن غرمناهم فهل يغرم شاهد الأصل هنا زيادة وجهان فإن قلنا نعم عاد الخلاف فإن نصفنا فعلى اللذين شهدا بالإحصان ثلاثة أرباع الغرم النصف بشهادة الإحصان والربع بالزنى وعلى الآخرين الربع وإن ثلثنا فعلى شاهدي الإحصان ثلثان وعلى الآخرين ثلث وإن رجع واحد منهم فإن لم نغرم شهود الإحصان فعليه ربع الغرم وإن غرمناهم فإن كان الراجع من شاهدي الإحصان فإن نصفنا لزمه ثمن الغرم وإن ثلثنا فالسدس ولو شهد ثمانية بالزنى والإحصان ثم رجع أحدهم فلا غرم على الأصح لبقاء الحجتين وكذا لو رجع ثان وثالث ورابع فإن رجع خامس فقد بطلت حجة الزنى ولم تبطل حجة الزنى ولم تبطل حجة الإحصان فإن لم نغرم شهود الإحصان فعلى الخمسة ربع الغرم لبطلان ربع الحجة وإن غرمناهم فلا غرم هنا لشهادة الإحصان على الأصح لبقاء حجته ويغرم الراجعون ربع غرم الزنى وهو السدس إن ثلثنا والثمن إن نصفنا وإن رجع ستة لزمه نصف غرم الزنى وهو الثلث إن ثلثناه والربع إن نصفناه وإن رجع سبعة بطلت الحجتان ولا يخفى قياسه. شهد أربعة على رجل بأربعمائة ثم رجع أحدهم عن مائة وآخر عن مائتين وثالث عن ثلاثمائة والرابع عن الجميع فالبينة باقية بتمامها في مائتين فالأصح أنه لا يجب غرمهما ويجب عن الأربعة غرم المائة بالرجوع عنها باتفاقهم وعلى الثاني والثالث والرابع ثلاثة أرباع المائة التي اختصوا بالرجوع عنها والوجه الثاني على كل واحد حصته فيما رجع عنه فعلى الأول ربع المائة وعلى الثاني خمسون وعلى الثالث خمسة وسبعون وعلى الرابع مائة.
فقد سبق أنه ينقض حكمه وكذا لو بانا فاسقين على الأظهر قال الإمام ومعنى نقضه أنا نتبين الأمر على خلاف ما ظنه وحكم به فإن كان المشهود به طلاقاً أو عتقاً أو عقداً فقد بان أنه لا طلاق ولا عتق ولا عقد فإن كانت المرأة ماتت فقد ماتت وهي زوجته وإن مات العبد مات وهو رقيق له ويجب ضمانه وإن كان المشهود به قتلا أو قطعاً أو حداً استوفى وتعذر التدارك فضمانه على عاقلة القاضي على الأظهر وفي بيت المال على قول كما سبق في ضمان الولاة وإنما تعلق الضمان بالقاضي لتفريطه بترك البحث التام على حال الشهود ولا ضمان على المشهود له لأنه يقول استوفيت حقي ولا على الشهود لأنهم ثابتون على شهادتهم زاعمون صدقهم بخلاف الراجعين وإذا غرمت العاقلة أو بيت المال فهل يثبت الرجوع على الشهود فيه خلاف وتفصيل سبق في باب ضمان الولاة والذي قطع به العراقيون أنه لا ضمان عليهم وقالوا وكذا لا ضمان على المزكين لأن الحكم غير مبني على شهادتهم قال القاضي أبو حامد يرجع الغارم على المزكين ويستقر عليهم الضمان بخلاف الشهود لأنه ثبت عند القاضي أن الأمر على خلاف قول المزكين ولم يثبت أنه خلاف قول الشهود وإلى هذا مال القاضيان أبو الطيب والروياني ومفهوم ما ذكروه أنه يجوز تغريم المزكين أولا ثم لا رجوع لهم على القاضي وأشار الإمام إلى مثل ذلك في الشهود إذا قلنا بالرجوع عليهم ولا فرق فيما ذكرناه من تعليق الضمان بالقاضي بين أن يكون الحكم في حد الله تعالى أو قصاص وسواء في القصاص استوفاه المدعي أو القاضي بنفسه أو فوض استيفاءه بإذن المدعي إلى شخص وسبق في إذن القاضي الاصطخري أن المدعي إن استوفاه بنفسه فالضمان عليه أنه إنما يعلق الضمان بالقاضي إذا باشر الاستيفاء أو فوضه إلى غيره بإذن المدعي وإن كان المحكوم به مالا فإن كان باقياً عند المحكوم له انتزع وإن كان تالفاً أخذ منه ضمانه وقيل إن تلف بآفة سماوية فلا ضمان والصحيح الأول وفرقوا بينه وبين الإتلاف حيث قلنا لا غرم عليه فيه بأن الإتلاف إنما يضمن إذا وقع على وجه التعدي وحكم القاضي أخرجه عن التعدي وأما المال فإذا حصل في يد إنسان بغير حق كان مضموناً وإن لم يوجد منه تعد فإن كان المحكوم له معسراً أو غائباً فللمحكوم عليه مطالبة القاضي ليغرم له من بيت المال في قول ومن خالص ماله في قول لأنه ليس بدل نفس تتعلق بالعاقلة ثم القاضي يرجع على المحكوم له إذا ظفر به موسراً وهل له الرجوع على الشهود جعله الإمام على الخلاف والتفصيل المشار إليهما في الإتلافات ويجيء أن يقال على قياس ما سبق إن المحكوم عليه يتخير في تغريم القاضي وتغريم المحكوم له وبالله التوفيق.
فيه سبعة أبواب لأن الدعوى تدور على خمسة أشياء الدعوى وجوابها واليمين والبينة والنكول فهذه خمسة والسادسة في مسائل تتعلق بهذه الأصول والسابع في دعوى النسب وإلحاق القائف
وفيه مسائل: إحداها في أن المستحق متى يحتاج إلى المرافعة والدعوى كالحق إذا كان عقوبة كالقصاص وحد القذف اشترط رفعه إلى القاضي لعظم خطره وإن كان مالا فهو عين أو دين فإن كان عيناً فإن قدر على استردادها من غير تحريك فتنة أشغل به وإلا فلا بد من الرفع وأما الدين فإن كان من عليه مقراً غير ممتنع من الأداء طالبه ليؤدي وليس له أن يأخذ شيئاً من ماله لأن الخيار في تعيين المال المدفوع إلى من عليه فإن خالف وأخذ شيئاً من ماله لزمه رده فإن تلف عنده وجب ضمانه فإن اتفقا جاء خلاف التقاص وإن لم يكن كذلك فإما أن يمكن تحصيل منه بالقاضي وإما أن لا يمكن فإن لم يمكن بأن كان منكراً ولا بينة لصاحب الحق فله أن يأخذ جنس حقه من ماله إن ظفر به ولا يأخذ غير الجنس مع ظفره بالجنس وفي التهذيب وجه أنه يجوز وهو ضعيف فإن لم يجد إلا غير الجنس جاز الأخذ على المذهب وبه قطع الجمهور وقيل قولان وإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي بأن كان مقراً مماطلا أو منكراً عليه وله بينة أو كان يرجو إقراره لو حضر عند القاضي وعرض عليه اليمين فهل يستقل بالأخذ أم يجب الرفع إلى القاضي وجهان أصحهما جواز الاستقلال قاله أبو إسحاق وابن أبي هريرة وصححه القاضيان أبو الطيب والرمياني للحديث الصحيح في قصة هند ولأن في المرافعة مشقة ومؤنة وتضييع زمان ومتى جاز للمستحق الأخذ فلم يصل إلى المال إلا بكسر الباب ونقب الجدار جاز له ذلك ولا يضمن ما فوته كمن لم يقدر على دفع الصائل إلا بإتلاف ماله فأتلفه لا يضمن وقيل يضمن وهو شاذ ثم إن كان المأخوذ من جنس الحق فله تملكه وإن كان من غير جنسه لم يكن له التملك وقيل يتملك قدر حقه ويستقل بالمعاوضة للضرورة كما يستقل بالتعيين عند أخذه الجنس والصحيح الأول ثم هل يرفعه إلى القاضي ليبيعه أم يستقل ببيعه وجهان ويقال قولان أصحهما عند الجمهور الاستقلال هذا إن كان القاضي جاهلا بالحال ولا بينة للآخذ فإن كان القاضي عالماً فالمذهب أنه لا يبيعه إلا بإذنه فإن أوجبنا الرفع إلى القاضي فهل للقاضي أن يأذن له في بيعه أو يفوضه إلى غيره وجهان أصحهما الأول وفي طريقة عند الرفع وجهان أحدهما يبيعه القاضي بعد إقامة البينة على استحقاق المال وهذا يبطل فائدة تجويز البيع عند العجز عن البينة والثاني يواطئ رجلا يقر له بالحق ويمتنع من الأداء ويقر له الأخذ بالمال حتى يبيعه القاضي وهذا إرشاد إلى الكذب من الطرفين ويضعف وجوب الرفع ثم عند البيع إن كان الحق من جنس نقد البلد بيع المأخوذ به وإن لم يكن بأن ظفر بثوب والدين حنطة بيع الثوب بنقد البلد ثم يشتري به حنطة وحكى الإمام عن محققي الأصحاب أنه يجوز أن يشتري غير الحنطة بالثوب ولا يوسط النقد بينهما وهل يكون المأخوذ مضموناً على الآخذ حتى لو تلف قبل البيع أو التملك بتلف من ضمانه أم لا وجهان أصحهما نعم وهو الذي ذكره الصيدلاني والإمام والغزالي لأنه أخذه لغرضه كالمستام بل أولى لأن المالك لم يسلطه فعلى هذا ينبغي أن نبادر إلى البيع بحسب الإمكان فإن قصر فنقصت قيمته ضمن النقصان ولو انخفضت القيمة وارتفعت وتلف فهي مضمونة عليه بالأكثر ولو اتفق رد العين لم يضمن نقص القيمة كالغاصب ولو باعه وتملك ثمنه ثم قضى المستحق دينه ففيما علق عن الإمام أنه يجب أن يرد إليه قيمة المأخوذ كما إذا ظفر المالك بغير جنس المغصوب من مال الغاصب فأخذه وباعه ثم رد الغاصب المغصوب فإن على المالك أن يرد قيمة ما أخذه وباعه وينبغي أن لا يرد شيئاً ولا يعطي شيئاً. فرع ليس له الانتفاع بالعين المأخوذة فإن انتفع لزمه أجرة المثل. لا يأخذ أكثر من حقه إذا أمكنه الاقتصار عليه فإن زاد فالزيادة مضمونة عليه فإن لم يمكنه بأن لم يظفر إلا بمتاع يزيد قيمته على قدر حقه فإن قلنا لو كان المأخوذ قدر حقه لا يكون مضموناً فكذا الزيادة وإن قلنا يكون مضموناً لم يضمن الزيادة على الأصح ثم إذا كان المأخوذ أكثر من حقه فإن كان مما يتجزأ باع منه قدر حقه وسعى في رد الباقي إليه بهبة ونحوها وإن كان لا يتجزأ فإن قدر على بيع البعض بما هو حقه باعه وسعى في رد الباقي إليه وإن لم يقدر باع الجميع وأخذ من ثمنه قدر حقه وحفظ الباقي إلى أن يرده. فرع حقه دراهم صحاح فظفر بمكسرة فله أخذها وتملكها بحقه ولو استحق مكسرة فظفر بصحاح فالمذهب جواز الأخذ لاتحاد الجنس وقيل فيه الخلاف في اختلاف الجنس لاختلاف الغرض وإذا أخذها فليس له تملكها ولا يشتري بها مكسرة لا متفاضلا لما فيه من الربا ولا متساوياً لأنه يجحف بالمأخوذ منه لكن يبيع صحاح الدراهم بدنانير ويشتري بها دراهم مكسرة ويتملكها. فرع شخصان ثبت لكل واحد منهما على صاحبه مثل ماله عليه ففي حصول التقاص أقوال مشهورة في كتاب الكتابة فإن قلنا لا يحصل التقاص فجحد أحدهما الآخر فهل للآخر جحده ليحصل التقاص للضرورة وجهان أصحهما نعم. فرع كما يجوز الأخذ من مال الغريم الجاحد أو المماطل يجوز الأخذ من مال غريم الغريم بأن يكون لزيد على عمرو دين ولعمرو على بكر مثله يجوز لزيد أن يأخذ مال بكر بماله على عمر ولا يمنع من ذلك رد عمرو وإقرار بكر ولا جحود بكر استحقاق زيد على عمرو. فرع جحد دينه وله عليه صك بدين آخر قد قبضه وشهود الصك القبض قال القاضي أبو سعد له أن يدعي ذلك ويقيم البينة ويقبض بدينه الآخر وفي فتاوى القفال أنه ليس له ذلك. قلت الصحيح قول أبي سعد ولو حدثت من المأخوذ زيادة قبل تملكه حيث جوز أو قبل بيعه فهي على ملك المأخوذ منه والله أعلم. المسألة الثانية في حد المدعي والمدعى عليه ويحتاج إلى معرفته لأن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه لقوة جانبه وفيه قولان مستنبطان من اختلاف قول الشافعي رحمة الله عليه في مسألة إسلام الزوجين التي سنذكرها الآن إن شاء الله تعالى أظهرها عند الجمهور أن المدعي من يدعي أمراً خفياً يخالف الظاهر والمدعى عليه من يوافق قوله الظاهر والثاني المدعي من لو سكت خلي ولم يطالب بشيء والمدعى عليه من لا يخلى ولا يكفيه السكوت فإذا ادعى زيد ديناً في ذمة عمرو أو عيناً في يده فأنكر فزيد هو الذي لو سكت ترك وهو الذي يذكر خلاف الظاهر لأن الظاهر براءة ذمة عمرو وفراغ يده من حق غيره وعمرو هو الذي لا يترك ويوافق قوله الظاهر فزيد مدع بمقتضى القولين وعمرو مدعى عليه ولا يختلف موجبهما غالباً وقد يختلف كما إذا أسلم زوجان قبل الدخول فقال الزوج أسلمنا معاً فالنكاح باق وقالت بل على التعاقب ولا نكاح فإن قلنا المدعي من لو سكت ترك فالمرأة مدعية وهو مدعى عليه لأنه لا يترك لو سكت لأنها تزعم انفساخ النكاح فيحلف ويستمر النكاح وإن قلنا بالأظهر فالزوج مدع لأن ما يزعمه خلاف الظاهر وهي مدعى عليها فتحلف ويرتفع النكاح ولو قال الزوج أسلمت قبلي فلي النكاح ولا مهر وقالت بل أسلمنا معاً وهما بحالهما فقوله في الفراق يلزمه وأما المهر فالقول قوله على الأظهر وعلى الثاني قولها لأنها لا تترك بالسكوت لأن الزوج يزعم سقوط المهر فإذا سكتت ولا بينة جعلت ناكلة وحلف وسقط المهر قال الأصحاب والأمناء الذين يصدقون في الرد بيمينهم مدعون لأنهم يزعمون الرد الذي هو خلاف الظاهر لكن اكتفي منهم باليمين ولأنهم أثبتوا أيديهم لغرض المالك وقد ائتمنهم فلا يحسن تكليفهم بنية الرد وأما على القول الثاني فهم مدعى عليهم لأن المالك هو الذي لو سكت ترك قال الروياني وغيره وقد يكون الشخص مدعياً ومدعى عليه في المنازعة الواحدة كما في صورة التحالف هذا كلام الأصحاب وبالله التوفيق.
أن تكون معلومة ملزمة الأول العلم بالمدعى به فإن كان نقداً اشترط ذكر جنسه ونوعه وقدره قال ابن الصباغ وإن اختلف الصحاح والمكسرة بين أنها صحاح أو مكسرة ومطلق الدينار ينصرف إلى الدينار الشرعي ولا حاجة إلى بيان وزنه وإن كان غير نقد نظر إن كان عيناً وهي مما تضبط بالصفة كالحبوب والحيوان والثياب وصفها بصفات السلم ولا يشترط ذكر القيمة في الأصح وإن كانت تالفة كفى الضبط بالصفات إن كانت مثلية ولا يشترط ذكر القيمة وإن كانت متقومة اشترط ذكر القيمة لأنها الواجب عند التلف وإن ادعى سيفاً محلى اشترط ذكر قيمته ويقومه بالذهب إن كان محلى بالفضة وبالفضة إن كان محلى بالذهب فإن كان محلى بهما قومه بأحدهما للضرورة و في الدراهم والدنانير المغشوشة يدعي مائة درهم من نقد كذا قيمتها كذا ديناراً أو ديناراً من نقد كذا قيمته كذا درهماً هكذا ذكره الشيخ أبو حامد وغيره وكأنه جواب على أن المغشوش متقوم فإن جعلناه مثلياً فينبغي أن لا يشترط التعرض للقيمة وفي العقار يتعرض للناحية والبلدة والمحلة والسكة وتبين الحدود ويستثنى من اشتراط العلم صوراً إحداها إنما يعتبر إذا طلب معيناً فأما من حضر ليعين ويفرض له القاضي كالمفوضة تطلب الفرض على قولنا لا يجب المهر بالعقد والواهب يطلب الثواب فلا يتصور الإعلام. الثانية قال أدعي أن مورثك أوصى لي بثوب أو بشيء تسمع الدعوى لأن الوصية تحتمل الجهالة فكذا دعواها وألحق ملحقون دعوى الإقرار بالمجهول بدعوى الوصية ومنهم من ينازع كلامه فيه ويصح دعوى الإبراء عن المجهول إن صححنا الإبراء عن المجهول. الثالثة ادعى أن له طريقاً في ملك غيره وادعى حق إجراء الماء قال القاضي أبو سعد الأصح أنه لا يحتاج إلى إعلام قدر الطريق والمجرى ويكفي لصحة الدعوى تحديد الأرض التي يدعي فيها الطريق والمجرى وكذا لا تصح الشهادة المرتبة عليها وقال أبو علي الثقفي يشترط إعلام قدر الطريق والمجرى وقال وكذا لو باع بيتاً من دار وسمى له طريقاً ولم يبين قدره لا يصح قال القاضي وعندي أنه لا يشترط هذا الإعلام في الدعوى لكن يؤخذ على الشهود إعلام الطريق والمسيل بالذرعان لأن الشهادة أعلى شأناً فإنها تستقل بقوة إيجاب الحكم بخلاف الدعوى ولو أحضر المدعي ورقة وحرر فيها دعواه وقال أدعي ما فيها وأدعي ثوباً بالصفات المكتوبة فيها ففي الاكتفاء به لصحة الدعوى وجهان. الشرط الثاني كونها ملزمة فلو قال وهب لي كذا أو باع لم تسمع دعواه حتى يقول ويلزمه التسليم إلي لأنه قد يهب ويبيع وينقضها قبل القبض هكذا نقله الروياني والغزالي وغيرهما ويقرب منه ما ذكره القاضي أبو سعد أنه يقول في دعوى الدين لي في ذمته كذا وهو ممتنع من الأداء الواجب عليه قال وإنما يتعرض لوجوب الأداء لأن الدين المؤجل لا يجب أداؤه في الحال وكان هذا إذا قصد بالدعوى تحصيل المدعى ويجوز أن يكون المقصود بالدعوى دفع المنازعة ولا يشترط التعرض لوجوب التسليم قال ابن الصباغ لو قال هذه الدار لي وهو يمنعنيها صحت الدعوى ولا يشترط أن يقول هي في يده لأنه يجوز أن ينازعه وإن لم تكن في يده وإذا ادعى ولم يقل للقاضي مره بالخروج عن حقي أو سله جواب دعواي فهل يطالبه القاضي وجهان قال ابن الصباغ الأصح نعم للعلم بأنه الغرض من الحضور وإنشاء الدعوى قال القاضي أبو سعد الأصح لا لأنه حقه فلا يستوفى إلا باقتراحه كاليمين. قلت الأول أقوى والله أعلم. فعلى هذا الثاني طلب الجواب شرط آخر في صحة الدعوى وسواء شرطنا هذا الاقتراح أم لم نشرطه فاقترحه فيمكن أن يقال يغني ذلك عن قوله ويلزمه التسليم إلي وأن من شرطه بناه على أنه لا يشترط الاقتراح المذكور. فرع لا يشترط لصحة الدعوى أن يعرف بينهما مخالطة أو معاملة ولا فرق فيه بين طبقات الناس فتصح دعوى دنيء على شريف وقال الاصطخري إن شهدت قرائن الحال بكذب المدعي لم يلتفت إلى دعواه مثل أن يدعي الدنيء استئجار الأمير أو الفقيه لعلف الدواب أو كنس بيته ومثله دعوى المعروف بالتعنت وجر ذوي الأقدار إلى القضاة وتحليفهم ليفتدوا منه بشيء. فرع ادعى عليه مالا وقام وأقام شاهدين شهدا على إقراره بشيء أو قالا نعلم أن له عليه مالا ولا نعلم قدره ففي سماع شهادتهما هكذا وجهان حكاهما البغوي وغيره أحدهما نعم ويرجع في التفسير إلى المشهود عليه كما لو أقر بمبهم وأصحهما لا ويجريان فيما لو شهدا بغصب عبد أو ثوب ولم يصفاه. عن فتاوي القفال ادعى دراهم مجهولة لا يسمع القاضي دعواه ويقول له بين الأقل الذي تتحققه وإن ادعى ثوباً ولم يصفه أيضاً لم يصغ إليه بل لو قال هو كرباس ولم يصف أمره أن يأخذ بالأقل وهذا فيه أرشاد وتلقين ثم الأخذ بالأقل في قدر الدراهم مستقيم لكن الأخذ بالأقل من صفة الثوب عينه لا وجه له. المسألة الثالثة إذا قامت بينة على المدعى عليه فطلب من القاضي تحليف المدعي على استحقاق ما ادعاه لم يجبه لأنه تكليف حجة بعد قيام حجة ولأنه كطعن في الشهود وإن ادعى إبراء أو قضاء في الدين أو بيعاً أو هبة وإقباضاً في العين نظر إن ادعى حدوث شيء من ذلك بعد قيام البينة حلف المدعي على نفي ما يقوله إن مضى زمان إمكانه وإلا فلا يلتفت إلى قوله وإن ادعى أنه جرى قبل شهادة الشهود فإن لم يحكم القاضي بعد حلف المدعي على نفيه وإن حكم لم يحلفه على الأصح ولو قال المدعى عليه الشهود فسقة أو كذبة والمدعي يعلم ذلك فهل له تحليفه على أنه لا يعلم وجهان وطردا في كل صورة ادعى ما لو أقر به الخصم لنفعه ولكن لم يكن المدعى عين حق له بأن قال المدعى عليه إنك أقررت لي بكذا أو قال وقد توجهت عليه الدعوى إن المدعي حلفني مرة وأراد تحليفه أو قذفه فطلب الحد فادعى زنى المقذوف وأراد تحليفه ويشبه أن يكون الأصح أن له التحليف ويؤيده ما سبق من قول الأصحاب إن دعوى الإقرار بالمجهول صحيحة وإن جواب الأكثرين في مسألة القذف التحليف وإن كان المقذوف ميتاً وأراد القاذف تحليف الوارث أنه لا يعلم زنى مورثه حلف وهذه الصورة محكية عن النص لكن ذكر البغوي أن الأصح أنه لا يحلفه إذا ادعى فسق الشهود أو كذبهم وأما تحليف القاضي والشهود فلا يجوز قطعاً لارتفاع منصبيهما. المسألة الرابعة قامت بينة على المدعى عليه وادعى أن المدعي باعه العين المدعاة أو باعها لبائعه أو ادعى أنه أبرأه من الدين المدعى فأنكر فلا يخفى أن القول قول المدعي و أن المدعى عليه مدع فيما ذكره يحتاج إلى بينة فإن استمهل ليأتي بها أمهل ثلاثة أيام على الصحيح وقيل يوم فقط ولو ادعى الإبراء ولم يأت ببينة وقال حلفوه أنه لم يبرئني حلفناه ولا يكلف توفية الدين أولا وعن القاضي وجه أنه يستوفى منه الدين أولا ثم إن شاء حلفه لأنها دعوى جديدة والصحيح الأول وليس كما لو قال لوكيل المدعي أبرأني موكلك حيث يستوفى الحق منه ولا يؤخر إلى حضور الموكل وحلفه لعظم الضرر في التأخير وهنا الحلف متيسر في الحال ولو قال إنه أبرأني من هذه الدعوى فهل يحلف المدعي أنه لم يبرئه وجهان اختار القفال والغزالي المنع وادعى الروياني أن المذهب التحليف لأنه لو أقر أنه لا دعوى له عليه برئ. مدعي الدفع إن قال قضيت أو أبرأني فذاك وإن أطلق وقال دافعة واستفسر لأنه قد يتوهم ما ليس بدافع دافعاً إلا أن يعرف معرفته وإن عين جهة ولم يأت ببينة عليها وادعى عند انقضاء مدة المهلة بلا جهة أخرى واستمهل فينبغي أن لا يجاب وإن ادعى في المدة جهة أخرى وجب أن تسمع. الخامسة الدعوى أنواع منها دعوى الدم ويشترط تفصيلها كما سبق في القسامة وأما دعوى النكاح والبيع وسائر العقود فقال الشافعي رحمه الله لو ادعى أنه نكح امرأة لم يقبل منه حتى يقول نكحتها بولي وشاهدي عدل فمن الأصحاب من اكتفى في دعوى النكاح بالإطلاق ولم يشترط التعرض لهذا التفصيل كما يكتفى في دعوى استحقاق المال بالإطلاق وحملوا النص على الاستحباب والتأكيد وقال أبو علي الطبري إن ادعى ابتداء النكاح وجب التفصيل وإن ادعى دوامه فلا لأن الشروط لا تعتبر في الدوام أخذ عامة الأصحاب بظاهر النص وأوجبوا التفصيل والتعرض للشروط ابتداء ودواماً لأن الفروج يحتاط لها كالدماء والوطء المستوفى لا يتدارك كالدم وأما الجواب عن المال فإن كان المدعى نفس المال فإنما اكتفى بالإطلاق لأن أسبابه لا تنحصر فيشق ضبطها وإن كان عقداً على مال كبيع وإجارة وهبة فثلاثة أوجه أحدها قاله ابن سيريج يشترط التفصيل وذكر الشروط كالنكاح والثاني إن تعلق العقد بجارية اشترط احتياطاً للبضع وإلا فلا والثالث وهو أصحها ونقله ابن كج عن النص لا يشترط مطلقاً لأن المقصود المال وهو أخف شأناً ولهذا لا يشترط فيها الأشهاد بخلاف النكاح وأما التعرض في دعوى النكاح لعدم مانع النكاح كالردة والعدة والرضاع فلا يشترط على الصحيح لأن الأصل عدمها ولكثرتها فإن شرطنا التفصيل في النكاح فيقول نكحتها بولي وشاهدين ويشترط وصف الولي والشاهدين بالعدالة على الصحيح قياسه وجوب التعرض لسائر الصفات المعتبرة في الأولياء ولا يشترط تعيين الشاهدين والولي والغرض أن يعرف أن النكاح لم يخل عن ولي وشاهدين ويشترط التعرض لرضى المرأة إن كان رضاها شرطاً فإن كانت أمة اشترط التعرض للعجز عن الطول ولخوف العنت على الأصح وإن شرطنا التفصيل في دعوى البيع قالوا يقول تعاقدنا بثمن معلوم ونحن جائزاً التصرف وتفرقنا عن تراض ويشترط في الشهادة على النكاح التفصيل إن قلنا باشتراطه في دعوى النكاح وفي فتاوى القفال أنه يشترط أن يقولوا بعد تفصيل النكاح ولا نعلم أنه فارقها أو وهي اليوم زوجته والإقرار بالنكاح يكفي فيه الإطلاق على المذهب لأنها لا تقر إلا عن تحقق وقيل في اشتراط التفصيل فيه الخلاف في الدعوى والشهادة وهو ضعيف ولو شهدوا على إقرارها لم يشترط أن يقولوا ولا نعلم أنه فارقها ولتكن الشهادة على البيع والإقرار إذا أوجبنا التفصيل في البيع على قياس ما ذكرنا في النكاح ونقلوا في اشتراط تقييد النكاح والبيع المدعيين بالصحة وجهين وبالاشتراط أجاب الغزالي في الوجيز وقال في الوسيط الوجه القطع باشتراطه في النكاح وأشار إلى أن الوجهين مفرعان على أنه لا يشترط تفصيل الشرائط وإيراد الهروي يقتضي اطرادهما مع اشتراط التفصيل ليتضمن ذكر الصحة نفي المانع. واعلم أن دعوى النكاح تارة تكون على المرأة وتارة على وليها المجبر كما سبق في مسألة تزويج الوليين المرأة بشخص وسبق هناك أن الأئمة قالوا لو ادعى كل واحد من الزوجين سبق نكاحه وعلم المرأة به بني على أن إقرارها به هل يقبل إن قلنا لا فلا تسمع دعواهما عليها وإن قلنا نعم وهو الأظهر سمعت وهذا يقتضي كون سماع دعوى النكاح عليها أبداً فيه هذا الخلاف فكأنهم لم يذكروه هنا إقتصاراً على الأظهر. المسألة السادسة دعوى المرأة النكاح إن اقترن بها حق من حقوق النكاح كصداق ونفقة وقسم وميراث بعد موته سمعت وإن تمحضت دعوى الزوجية سمعت أيضاً على الأصح فان سمعت نظر إن سكت المدعى عليه وأصر على السكوت أقامت البينة عليه وإن أنكر فهل يكون إنكاره طلاقاً وجهان أصحهما لا فإن قلنا هو طلاق سقط ما ادعته ولها أن تنكح زوجا غيره ولو رجع عن الإنكار وقال غلطت في الإنكار لم يقبل رجوعه وإن قلنا ليس إنكاره طلاقاً فإنكاره كسكوته فيقيم البينة عليه وإن رجع قبلنا رجوعه وسلمنا الزوجة إليه وإن لم تكن بينة وحلف الرجل فلا شيء عليه وله أن ينكح أختها وأربعاً سواها وليس لها أن تنكح زوجاً غيره إذا لم نجعل الإنكار طلاقاً وإن اندفع النكاح ظاهراً حتى يطلقها أو يموت قال البغوي أو يفسخ بإعساره أو امتناعه إذا جعلنا الامتناع مع القدرة ممكناً من الفسخ وليكن هذا مفرعاً على إن لها أن تفسخ بنفسها أما إذا أحوجناها إلى الرفع إلى القاضي فما لم يظهر له النكاح كيف يفسخ أو يأذن في الفسخ وينبغي أن يرفق الحاكم به حتى يقول إن كنت نكحتها فهي طالق ليحل لها النكاح وإن نكل الرجل حلفت هي واستحقت المهر والنفقة. فرع امرأة تحت رجل ادعى آخر أنها زوجته فالصحيح أن هذه الدعوى لا على الرجل لأن الحرة لا تدخل تحت اليد فلو أقام كل واحد منهما بينة لم يقدم بينة من هي تحته بل هي كاثنين أقام كل واحد منهما بينة على نكاح خلية فينظر إن كانتا مؤرختين بتاريخ واحد أو مطلقتين فقد تعارضتا ولا يجيء قولا القسمة والقرعة وإن كانتا مؤرختين بتاريخين مختلفين قدمت البينة التي سبق تاريخها بخلاف ما لو كان هذا التعارض في مال فإن في الترجيح بالسبق قولين لأن الانتقال في الأموال غالب دون النكاح ولو قامت بينة أحدهما على النكاح وبينة الآخر على إقرارها بالنكاح فبينة النكاح أولى كما لو شهدت بينة واحد بأنه غصب منه كذا وبينة الآخر بأنه أقر له به ولو أقرت لأحدهما فعلى ما ذكرنا إذا زوجها وليان لشخصين وادعى كل واحد سبق نكاحه. فرع ادعت ذات ولد أنها منكوحته وأن الولد منه وسمعنا دعوى النكاح منها فإن أنكر النكاح والنسب فالقول قوله بيمينه وإن قال هذا ولدي من غيرها أو هذا ولدي لم يكن مقراً بالنكاح وإن قال هو ولدي منها وجب المهر وإن أقر بالنكاح فعليه النفقة والمهر والكسوة فإن قال كان نكاح تفويض فلها المطالبة بالفرض إن لم يجر دخول وإن جرى فد وجب المهر بالدخول فلا معنى لإنكاره. المسألة السابعة ادعى رق بالغ فقال البالغ أنا حر الأصل فالقول قوله وعلى المدعي البينة وسواء كان المدعي استخدمه قبل الإنكار وتسلط عليه أم لا وسواء جرى عليه البيع مراراً وتداوله الأيدي أم لا فإن كان اشتراه من غيره وحلف على نفي الرق فهل يرجع المشتري على بائعه بالثمن فيه كلام سنذكره إن شاء الله تعالى في المسألة الرابعة من الباب الثاني فإن قال البالغ لمن هو في يده إنك أعتقتني أو أعتقني من باعني لك طولب بالبينة ولو ادعى رق صغير فإن لم يكن في يده لم يصدق إلا ببينة وإن كان في يده نظر إن استندت إلى النقاط فكذلك على الأظهر وفي قول تقبل ويحكم له بالرق وإن لم يعرف استنادها إلى الالتقاط صدق وحكم له كما لو ادعى الملك في دابة أو ثوب في يده فلو كان مميزاً فأنكر فالأصح أنه يحكم له برقه ولا أثر لإنكاره والثاني أنه كالبالغ وإذا حكمنا له برقه في الصغير فبلغ وأنكر الرق فالأصح استمرار الرق حتى تقوم بينة بخلافه والثاني يصدق منكر الرق إلا أن تقوم به بينة ولا فرق في جريان الوجهين بين أن يدعي في الصغير ملكه ويستخدمه ثم يبلغ وينكر وبين أن يتجرد الاستخدام إلى البلوغ ثم يدعي ملكه وينكر المستخدم واليد على البالغ المسترق وإن لم يغن عن البينة عند إنكاره فهي غير ساقطة بالكلية بل يجوز اعتمادها في الشراء إن سكت المسترق اكتفاء بأن الظاهر أن الحر لا يسترق وقال الشيخ أبو محمد لا يجوز شراؤه مع سكوته كما لا يجوز مع إنكاره الرق بل يسأل فإن أقر اشتري. الثامنة في سماع الدعوى بدين مؤجل أوجه أصحها لا إذ لا يتعلق بها إلزام ومطالبة في الحال والثاني نعم والثالث تسمع إن كان له نية ليستحل فيأمن غيبتها وموتها وإلا فلا أو في دعوى الأمة الاستيلاد والرقيق التدبير وتعليق العتق بالصفة طريقان أحدهما تقبل لأنها حقوق ناجزة والثاني على الخلاف في الدين المؤجل الاستيلاد أولاهما بالقبول وهذا المذكور في التدبير إذا لم نجوز الرجوع عنه بالقبول فإن جوزناه فإنكاره رجوع يبطل مقصود المدعي. قلت المذهب سماع دعوى الاستيلاد والتدبير وتعليق العتق والله أعلم. فرع ادعي عليه دين مؤجل قبل المحل فله أن يقول في الجواب لا يلزمني دفع شيء إليك الآن ويحلف عليه وهل له أن يقول لا شيء علي مطلقاً قال القفال فيه وجهان بناء على أن الدين المؤجل هل يوصف قبل الحلول بالوجوب وفيه وجهان. التاسعة سلم ثوباً أو غيره إلى دلال ليبيعه فجحده وشك في بقاء الثوب فلا يدري أيطالب بالعين أم بالقيمة فقد سبق في أواخر باب القضاء على الغائب وجهان أصحهما له أن يدعي على الشك فيقول لي عنده كذا فإن بقي فعليه رده وإلا فقيمته أو مثله والثاني يشترط في الدعوى الجزم فيفرد لكل واحد من المطالبة دعوى برأسها فإن قلنا بالأول فأنكر المدعى عليه ولا بينة حلف على نفي الجميع وإن نكل وردت اليمين على المدعي فهل يحلف على التردد كما لو ادعى على التردد أم يشترط التعيين وجهان وإن قلنا يفرد لكل مطلب دعوى فادعى ما رآه أقرب ونكل الخصم فنكوله يؤكد ظن المدعي بكذبه فهل له أن يحلف اليمين المردودة بذلك وجهان أصحهما نعم استدلالا بنكوله على كذبه كما يستدل بخط أبيه وأجري الوجهان فيما إذا أنكر المودع التلف وتأكد ظنه بنكول المودع هل يحلف اليمين المردودة وفي فتاوى القفال انه ادعى عليه ثوباً فقال كان في يدي وهلك فأغرم لك القيمة فقال المدعي للحاكم قد أقر بالثوب فحلفه أنه لا يلزمه تسليمه إلي حلفه فإن حلف قنع منه بالقيمة وإن نكل وحلف المدعي على بقاء الثوب طولب بالعين.
|